رئاسة موريتانيا للاتحاد الإفريقي.. تشريف مستحق
مرة تلو الأخرى تحقق موريتانيا تحت القيادة المستنيرة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، نجاحات دبلوماسية غير مسبوقة، ستمكنها من تعزيز مكانتها على الساحة الدولية.
ويتمثل أحد أكبر هذه النجاحات الدبلوماسية في اختيار فخامة رئيس الجمهورية رئيسا دوريا للاتحاد الإفريقي لسنة 2024، من قبل نظرائه في شمال إفريقيا، وتزكية هذا الاختيار، بالإجماع، من طرف رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي خلال الدورة ال 37 العادية لقمة الاتحاد الإفريقي، التي انعقدت أمس الأول السبت في مقر الاتحاد بأديس أبابا.
وقد أكد فخامته، في كلمة له بعد مراسم انتخابه، قبوله لمهام ومسؤوليات رئاسة الاتحاد، رغم حجم ما يترتب عليها من مسؤوليات جسيمة، خاصة في هذا الظرف الحرج والحساس الذي تمر به القارة الإفريقية والعالم، متعهدا بتحمل هذه المسؤولية في إطار التشاور الدائم والتنسيق الوثيق مع الجميع.
انتخاب فخامة رئيس الجمهورية لرئاسة هذا الصرح الإفريقي
إن انتخاب فخامة رئيس الجمهورية لرئاسة هذا الصرح الإفريقي الهام يعد اعترافا من قِبل أفريقيا بقدرات هذا الزعيم القيادية وبرؤيته المتبصرة وحرصه الراسخ على وحدة وتقدم القارة، كما يمثل رسالة من القادة الأفارقة إلى العالم تؤكد ثقتهم وتقديرهم لحكمة وقيادة فخامة رئيس الجمهورية، للدفع بالقارة في اتجاه تحقيق تطلعات شعوبها في التنمية المستدامة والأمن والاستقرار، وإسماع صوتها في المحافل الدولية، والدفاع عن مصالحها، وهو ما كان يتطلع إليه الآباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي حاليا).
خارطة طريق للخطوات التي يجب أن يضطلع بها الاتحاد الإفريقي
لقد جاءت كلمة فخامة رئيس الجمهورية، خلال قمة الاتحاد الإفريقي ، جامعة وشاملة لتطلعات الشعوب الأفريقية في قيام “إفريقيا متكاملة ومزدهرة، يسودها السلام، ويمسك مواطنوها بزمام قيادتها، وتمثل قوة ديناميكية في الساحة الدولية”، وشكلت مضامينه خارطة طريق للخطوات التي يجب أن يضطلع بها الاتحاد الإفريقي في سبيل الإصلاح المؤسساتي لأجهزته لرفع مستوى أدائها نجاعة وفعالية، كما تضمنت تشخيصا لأهم القضايا والتحديات الأمنية والسياسية والتنموية والبيئية التي تواجهها القارة الإفريقية.
وفي هذا الإطار، اعتبر فخامة رئيس الجمهورية أن اعتماد تعليم إفريقي يواكب القرن الواحد والعشرين هو منطلقُ كل فعل تنموي مستدام، ورافد قوي للأمن والاستقرار وبه اكتساب وتطوير المهارات التي تفتح آفاق فرص العمل الملائمة، وتعمل على تقليص دوائر البطالة والفقر والهشاشة، مؤكدا أنه سيركز على الشباب الذي يشكل حاليا حوالي 62% من سكان إفريقيا.
مسار تحويل إمكانات القارة الهائلة إلى مشاريع تنموية فعلية
ودعا فخامته قادة أفريقيا إلى المساهمة الفاعلة في مسار تحويل إمكانات القارة الهائلة إلى مشاريع تنموية فعلية تسهم بنحو معتبر في تحقيق أهداف أجندة أفريقيا 2063، وبناء إفريقيا التي نريدها، إفريقيا التي تتكفل بشأنها، وتعمل على حل نزاعاتها بنفسها، لا تنتظر حلولا جاهزة تأتيها، بل تُنجز هي عبر الحوار، والتنسيق، والإبداع، الحلول التي تناسب ما تواجهه من تحديات.
ولضمان مشاركة فاعلة للقارة الإفريقية في النظام العالمي الجديد، شدد فخامته على ضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة، بما يضمن تعزيز حضور القارة في هيئاتها القيادية، وذلك بحصولها على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.
وقال إنه سيعمل على قيام نظام دولي متعدد الأطراف أكثر توازنا وإنصافا ومراعاة للدول الأقل نموا، يكون للقارة فيه صوت مسموع، وقدرة فعالة على التأثير، مؤكدا أن النظام الدولي في صيغته الحالية، يطبعه الكثير من الحيْف والكيل بمكاييل متفاوتة، على حساب الدول الأكثر ضعفا، والأقل نموا كما الحال غالبا مع قضايا وحقوق دول قاراتنا.
إدراك مدى حاجة هذا النظام الدولي إلى الإصلاح
وأضاف فخامة رئيس الجمهورية أنه يكفي الإدراك مدى حاجة هذا النظام الدولي إلى الإصلاح، بالنظر إلى ما يجري بقطاع غزة، من قتل وتدمير، وخرق لمبادئ الشرعية الدولية، وحقوق الإنسان، وإحجام المجتمع الدولي عن وضع الثقل المطلوب لإحراز وقف إطلاق نار فوري، وإدخال المساعدات، والشروع في التأسيس لحل شامل، ودائم، يُؤَمِّن حق الفلسطينيين الأصيل في قيام دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، طبقا لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، معبرا عن فخره بمواقف الاتحاد الإفريقي الرافضة للظلم، المناصرة للقضايا العادلة والمتمسكة بالقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
بهذا الخطاب الجامع الشامل يكون فخامة رئيس الجمهورية قد رسم مسارا مهما للاتحاد الافريقي خلال فترة توليه رئاسته.. فهنيئا لموريتانيا على هذا الإنجاز، ولفخامة رئيس الجمهورية على هذا التشريف المستحق.
0 Comments: