الثلاثاء، 6 سبتمبر 2022

قرية (لبحير) في آدرار: منطقة زراعية بمقاييس متعددة

محمد محمود ولد سيدي محمد


تعيش ساكنة قرية (لبحير) على ضفاف بحيرة خلفتها مياه الأمطار ، نعمة من الله، تروي عطش الأرض بعد سنين عجاف قطع وصلها، لله الحمد، هدير رعد وصوت سحابة تثج في ليلة أومض برقها على هدير خرير المياه المتدفقة على سفح الجبل ومن فوق الهضاب وبين منحدر الوادي وتلاله قصة نخلة وميلاد زرعة وانبثاق عهدة يتجدد فيها الأمل بانتعاش الحياة وعودة الزراعة إلى سابق عهدها بما يضمن تنوع الإنتاج ويحقق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية ، إن الزائر لهذه المنطقة يدرك حقيقة مفادها أنها منطقة زراعية بامتياز، لاعتبارات عدة، من بينها تعدد ( لكراير ) فيها، واتساع رقعتها، وتنوع إنتاجيتها، وجودة محصولها، واستعداد ساكنتها للغرس والزرع، وبذل الغالي والنفيس لتأمين سلة الغذاء.


ولسليط الضوء على هذه المنطقة وما يميزها من إنتاجية في مجال الزراعة بمختلف أنواعها، قام مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء في آدرار بإجراء لقاءات مع عدد من المزارعين في قرية لبحير والقرى المجاورة لها، حول طبيعة المساحات الزراعية في المنطقة، ونوعية إنتاجيتها ، ومستوى جودة محصولها ومدى قابليته لتموين السوق المحلية ، واسهاماته في توفير الأمن الغذائي على المستوى الوطني

وفي هذا السياق  فقد أكد حاكم مقاطعة أوجفت السيد محمد محمود ولد سيدي محمد أن مقاطعته تحتوي على العديد من لكراير المعهودة للزراعة، مبينا أن نصيبها من البذور بلغ نسبة (2900) كلغ من تقليت، و (1900) كلغ من البشنة و (750) كلغ من أدلكان و (500) كلغ من مكه.


وحث الحاكم المزارعين على ضرورة التوجه للزراعة ومحاولة الاستفادة من التساقطات المطرية واستغلالها في تطوير الزراعة وتحسين منتجاتها لضمان تحقيق النهضة الزراعية التي تنشدها الحكومة طبقا للتعليمات السامية لفخامة رئيس الجمهورية أما حاكم مقاطعة شنقيط السيد عبدول مامادو با، فقد بين أن مقاطعته تحتوي على العديد من لكراير من بينها اكرارت (لبحير ودكدك) وغيرهما من المناطق الصالحة للزراعة، مبينا أن نصيبها من البذور بلغ نسبة (1920)كلغ من تقليت، و(1280)كلغ من بشنه، و(480) كلغ من ادلكان، (320)كلغ من مكه ، و دعا المزارعين في عموم المقاطعة إلى بذل المزيد من الجهود من أجل تحطيم أرقام قياسية في المحاصيل الزراعية لهذه السنة وإعطاء المثال الحسن والنموذج القدوة لكل المزارعين المثابرين من أجل أن يسود الأمن الغذائي مختلف ربوع الوطن.


وبدوره، فقد أكد اسلم ول الحافظ ول عليوت، وهو أحد أبناء قرية لبحير الزراعية أن وديان هذه المنطقة تحتوي على العديد من (لكراير) من بينها اكرارت (منصور ) و(تيفلفلين) و (بوعبون) و(ازلي) و(أكظنش) و(انتاد) و(أكيل) و(اخنيك اتمر) ..


وأضاف أن هذه( لكراير) تصلح للزراعة بمختلف أنواعها، مؤكدا أن بعضها تستغله الساكنة لزراعة القمح والشعير وبعضها يختص بزراعة الفاصوليا واللوببا وبعضها الآخر يعنى بزراعة الخضروات بكل أنواعها.


وثمن نداء فخامة رئيس الجمهورية ودعوته الصريحة لكافة أبناء الوطن بضرورة الانخراط في الحملة الزراعية، باعتبار أن الزراعة تجسد الاستقلال الحقيقي للبلاد، نتيجة لارتباطها الوثيق بمفهوم السيادة الوطنية والأمن القومي

وطالب ببناء السدود للمحافظة على مياه الأمطار وتكوين الكادر البشري و توفير المعدات و السياج و المدخلات الزراعية المختلفة.


وأضاف أنه في حال تم دعم هؤلاء المزارعين في هذه المنطقة ذات العطاء الكبير، فسيتم توفير كميات معتبرة من المواد الغذائية المتنوعة، بما يعزز سياسة تموين السوق المحلية، ويساهم في تلبية الحاجيات الوطنية، ويوفر ثروة اقتصادية تعود بالنفع على الساكنة المحلية

ودعا الشباب إلى الانخراط الفعلي في المجهود الزراعي من خلال الاستفادة من أجواء العطلة السنوية وتوظيفها في مساعدة الأهالي في تحقيق التنمية الزراعية والاعتناء بواحات النخيل

وأضاف أن هذه المنطقة تمتاز على غيرها من مناطق الوطن بجودة محصولها من مادة (افندي)، مطالبا الدولة بضرورة الاستثمار في زراعة هذه المادة الهامة، والتي تعتبر مكونا رئيسيا في التركيبة الغذائية المحلية.


أما المزارع محمد ول نوش، وهو شاب يمتهن الزراعة في قرية (لبحير) ، التي تبعد (155) كلم من مقاطعة أطار، و(75) كلم من مدينة أوجفت، فقد أكد أن قريته تمتاز بخصوبة أراضيها وقابليتها لزراعة مختلف أنواع الحبوب والخضروات

وأضاف أن كرارت (لبحير) تمتد على مساحة زراعية شاسعة تغطيها مياه الأمطار تقدر ب 13 كلم، وهي تابعة لببلدية العين الصفرة بمقاطعة شنقيط، وتقطنها مئات الأسر المهتمة بالزراعة، وخصوصا زراعة الحبوب، مثل القمح والشعير واللوبيا، وزراعة الخضروات، مثل البطاطس والجزر والطماطم والبصل والباذنجان.


وقال:” نحن في هذه المنطقة تعتمد حياتنا على الزراعة التقليدية بمختلف أنماطها، غرس النخيل وزراعة الخضروات والحبوب، مع حاجتنا المتزايدة إلى السياج والبذور والمعدات الزراعية”

وأشار إلى أن قرية لبحير هي قرية زراعية بمثابة أم القرى بالنسبة للوديان المحيطة بها، إذ تتربع في وسط مجموعة كبيرة من (لكراير) على سبيل المثال لا الحصر: اكرارت (انواجبور) على مساحة 8 كلم، و(تاكنزه) الممتدة على مساحة 12كلم، و(اسباعية) على مساحة 12كلم.


وأوضح أن هذه المساحات الزراعية الشاسعة لم تستغل طاقتها الإنتاجية على الرغم من خصوبة تربتها نتيجة لضعف حال المزارعين فيها، داعيا إلى توفير السياج والبذور والمعدات والسدود والقروض الميسرة والارشاد الزراعي

وأوضح أن قرية لبحير تتوفر على مدرسة ابتدائية ومحظرة ومحل لبيع المواد الأساسية المدعومة، مطالبا بضرورة توفير شبكة مياه صالحة للشرب ودعم التعاونية النسوية واعتماد رابطة تشاركية لواحات النخيل في هذه القرية، ذات العمق الاستراتيجي الزراعي ، وبدوره  فقد بينت الغالية بنت الشيخ ولد محمدن، حاجة نساء قرية لبحير والقرى المجاورة لها للدعم، خصوصا في مجال توفير ماكينات الخياطة ومعدات التطريز وأجهزة التبريد والطاقات الشمسية للمساهمة في توفير أسباب العيش الكريم لسكان هذه القرى من أجل تثبيتهم في أماكنهم الأصلية وتشجيعهم على ممارسة أنشطتهم الزراعية

وأضافت أن نساء القرية يضطلعن بدور ريادي في عملية الإنتاج الزراعي بمختلف مراحلها، داعية إلى توفير العون لتحسين ظروف الحياة من خلال توفير قروض ميسرة تسمح بفتح دكاكين تجارية لبيع كافة المستلزمات الضرورية للساكنة.


أما اعل سالم ولد حميدي، وهو أحد المزارعين القاطنين في هذه القرية، فقد عبر عن ارتياحه الشديد للتعليمات السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الرامية إلى احداث نهضة زراعية تمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأمن الغذائي، انطلاقا من الوعي الراسخ بأهمية الزراعة ومحوريتها في التنمية الاقتصادية لأي مجتمع يراد له التقدم والتطور والازدهار.


وبدوره، فقد أكد عالي ولد التهامي، المولود عام 1956 ببطحاء كدية (ويس) المشهورة ضمن معالم هذه القرية الريفية، التي يتقاطع فيها معبر ( اكركر) الجبلي مع دروب هضبة (آزي زكه) ومسالك (لكليب لحمر) الذي يشكل نقطة الفصل الحاسمة بين مقاطعتي أوجفت وشنقيط، أن هذه المنطقة ذات التضاريس الوعرة ظلت عبر مختلف حقب التاريخ تشكل مخزونا غذائيا للعديد من التجمعات السكنية، مثل تجمع المالح وتجمع تنومند وغيرهما من التجمعات التي تتغذى على مصب واد لبحير النابع من منطقة (تيصرط)

وأضاف أن خصوصية هذه المنطقة تتمثل أساسا في كونها صالحة للزراعة في مختلف فصول السنة، حيث تستغل في فصل الصيف لزراعة ( أفندي)، وتزدهر فيها زراعة (اللوبيا ومكه) في موسم الخريف، وتنتعش فيها زراعة (القمح والشعير) في فصل الشتاء، في حين يمتاز شهر أكتوبر فيها بزراعة الخضروات بجميع أنواعها.


وأكد أن هذه المنطقة تمتاز كذلك بجودة تمورها وتنوع واحات النخيل فيها ابتداء من واحة (اغورط) باتجاه (إنخل محمد ابات) مرورا ب (العوج ونغماش وآمريسيله واسويكيه وأتلي ليون وتنويمط وآجار الطرفه) وصولا إلى واحات (تنموند)، مضيفا أن مطالب الساكنة تكاد تنحصر أساسا في السياج والبذور والمعدات الزراعية  وخلص عالي إلى القول إن خطاب فخامة رئيس الجمهورية يحمل دلالات عميقة تستحث تحقيق النهضة الزراعية باعتبارها الركيزة الأساسية لتوفير الأمن الغذائي، مطالبا بضرورة تكاتف جهود الجميع للمساهمة في الحملة الزراعية من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية.


وبدوره، فقد أكد عمو ولد الدهاه، عمدة معدن العرفان، أن هذا الموسم شهد تساقطات مطرية معتبرة، لله الحمد، مضيفا أن هذه المنطقة تمتاز بتعدد لكراير فيها، ومن ضمنها اكرارت (دكدك) التي تغطيها مياه الأمطار بشكل كلي، وهي تمتد على مساحة 13كلم و أضاف أن هذه لكراره معهودة لزراعة القمح والشعير، وهو يأمل أن تتراجع عنها المياه التي غمرتها لتنطلق فيها الأنشطة الزراعية، مشيرا إلى أن الحال نفسه ينطبق على جميع اكراير (ركبت آدرار) التي غمرتها مياه الأمطار، مثل (تنمرورت ولمصيدي والمرفك وأمزماز وأم أشناد وارشات)

ودعا العمدة المزارعين إلى التوجه إلى المزارع تلبية لنداء فخامة رئيس الجمهورية من أجل تأمين الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية ، مبينا أن من لم يزرع قوت يومه فمصيره الخضوع لاشتراطات الغير، وبالتالي فهو غير مستقل ولا يتمتع بسيادته.

SHARE

Author: verified_user

0 Comments: